أورد موقع دوتشيه فيليه الألماني قصصا عن زوجات مغربيات يُجبرهن أزواجهن على المضاجعة، ويخضعن لشتى أنواع الاغتصاب كلما نادت شهوة الرجل. وفي ظل غياب قانون يناهض جميع أنواع العنف، تُضرب بعض النساء وتُجبر على المضاجعة. محاولات الخلاص تتبناها حتى الآن منظمات غير رسمية.
وبكلمات متلعثمة وبعيون يغرقها الدمع تروي كريمة ( وهو اسم مستعار) البالغة من العمر 27 ربيعا ـ حسب ذات الموقع ـ قصة هجمة سادية أنهكت جسدها النحيف، وحولت حياتها الحميمة إلى جحيم ملطخ بالدم بقوة الإكراه . زوجها يواقعها بشتى السبل حتى إن لم ترغب، ولا يتوانى عن أن يقوم بذلك علنا إمام بنيها ، ولا يهتز لنحيبهم، وينهي الحفلة السادية بضربها لأنها لا توافق على ممارسة بعض التفاصيل.
كريمة العاملة في إحدى الشركات، والأم لطفلة وطفل يعاني من مرض التوحد، تقول إن حياتها الجنسية قد تحولت إلى حلبة صراع مع زوج همه الوحيد هو تنفيذ ميوله ورغباته الجنسية بطريقة جامحة سادية تتركها في أثناء كثيرة دامية كسيرة.
ظاهرة في غرف الزوجية
” كل ممارسة جنسية تتم بدون رضا الزوجة بالعنف والإكراه، والضغط والابتزاز تعتبر اغتصابا من طرف الزوج”، هكذا عرّفت الجمعيات النسائية في المغرب الاغتصاب الزوجي، لكن هذا يبقى ” تابو” مسكوت عنه في ظل غياب نص قانوني يجرمه .
فوزية العسولي، رئيسة فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، قالت في حديثها لـ DW عربية، “إن الاغتصاب الزوجي ظاهرة لم تكن النساء يتحدثن عنها من قبل ، والقانون لا يجرم الاغتصاب في إطار العلاقة الزوجية علما أنه يعتبر الأفظع، لأن الزواج يمثل للمرأة عقد حماية ومحبة واحترام وطريقا لبناء أسرة، وبالتالي فإن تعرضها لهذا النوع من العنف تكون له تأثيرات نفسية كبيرة جدا عليها” .
وعن أسباب هذه الجريمة، تعزو العسولي ذلك لـ ” عدم وجود نص قانوني واضح يجرّم الاغتصاب الزوجي، وهو ما يفسر تفشيه واستمراره ما دام المشرع لم يقر ولم يعترف به”، مضيفة أن مشروع القانون، الذي بادرت وزيرة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة المغربية – بسيمة الحقاوي – إلى طرحه والهادف لمحاربة العنف ضد النساء والذي بقي حبيس الأدراج حتى هذه الساعة، لا ينص في أي بند منه على تجريم ظاهرة الاغتصاب الزوجي.
من جهتها أوضحت المحامية خديجة الروكاني، “إن القانوني الجنائي لا يتضمن أي تعريف للاغتصاب الزوجي، وحتى مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء لا يتبنى مقاربة تختلف عن المشرع الجنائي، وتجرم كل أشكال العنف”.
تأويل بفهم شرعي” خاطئ”
” هذا حقي الشرعي، شئت أم أبيت”، هي الجملة التي اعتادت أمينة ذات الـ 35 عاما على سماعها كلما أسدل الليل ستاره. تروي الزوجة أنها بمجرد رفض طلب زوجها للقيام بممارسة جنسية من نوع لا تحبه، يتذرع بالنص الديني ويبدأ ” هجمته” الشرسة على جسدها بدون احترام أو رضا.
الضحايا يرين انه قد ” استبيح” جسد المرأة من طرف أقرب الناس إليها، أزواج لا يعرفون إلا الامتثال الفوري لنداء الشهوة المقرونة بالعنف دون أي حوار مسبق أو أخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية لزوجاتهم ، وهن يرين أن المجتمع الذكري يحول كيان المرأة إلى شيء و يؤول النص الديني و مقتضيات مدونة الأسرة على هواه.
في هذا الصدد يقول لحسن السكنفل رئيس المجلس العلمي لتمارة – هيئة علماء ترعاها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – إن ” العلاقة الزوجية ليست علاقة بهيمية، بل هي علاقة يجب أن تكون مبنية على المكارمة والرحمة، لأن الغاية من الزواج هو الإحصان والعفاف”.
مراكز الاستماع، ملاذ ” الزوجات المغتصبات”
يحاط الاغتصاب الزوجي في المغرب بكثير من الكتمان ويعتبر سببا للعار وسط ثقافة تجعل من الاستماتة في تلبية رغبات الزوج ونزواته الجنسية من الأدوار الأساسية للمرأة/ الزوجة، وهو وضع دفع بالحركة الحقوقية النسوية إلى خلق مراكز للاستماع والبوح.
شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، سجلت 6664 فعل عنف خلال 2012، أي بمعدل 2٫8 فعل عنف مورس ضد كل امرأة من النساء الوافدات على مراكز الاستماع التابعة للشبكة. ويشمل العنف الزوجي كل الأفعال المتعلقة بالاغتصاب والتحرش الجنسي والإجبار على ممارسات جنسية غير مرغوب فيها .
وجوابا على سؤال حول الخدمات التي تقدمها هذه المراكز، قالت رفيدة البرامي، مساعدة قانونية واجتماعية بـ ” إنجاد ” في تصريح خصت به DW عربية، ” أولا أريد أن أشير أن الاغتصاب الزوجي يمس جميع الشرائح الاجتماعية والمستويات، المراكز تمنح الاستشارة القانونية، التوجيه، المرافقة، الدعم النفسي “. وتضيف البرومي : ” نستقبل حالات يخجلن ( النساء) من سرد ما يتعرض لهن من اغتصاب زوجي ، ولسان حالهن يقول : ما السبيل لإثبات ما يحصل لنا من طرف أزواجنا ؟”. هذا السؤال يطرح مشكلة إثبات جرم ارتكب في فضاء خاص ومغلق.
الدكتورة أمل شباش، أخصائية العلاج النفسي والجنسي تُقر بأن ” الحديث عن الحياة الجنسية بالمجتمع المغربي مازال (محرّما)، بالرغم أننا اليوم بدأنا نتحدث عنه ونناقشه، فالعديد من العوامل البسيطة المرتبطة بشروط الحياة والعمل ، يضاف إليها العوامل الهرمونية المعروفة المرتبطة بدورة المرأة الشهرية، وإحساس بعض النساء بالألم أثناء الممارسة، يتسبب في عدم الرضا الجنسي الذي يتراكم فينتج عنه النفور خصوصا إذا تمت العلاقة عنوة وبالإجبار والابتزاز وتحت سقف العنف والضرب من طرف الزوج “.
بعض التغيير
“نطالب بتغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، من أجل الالتزام بالاتفاقيات الدولية في مجال حقوق النساء، مع تقييد السلطة التقديرية للقضاء”، هكذا ختمت المحامية خديجة الروكاني حديثها على أمل تجريم الاغتصاب الزوجي في المغرب.
وعن السبل الكفيلة بحماية العلاقة الزوجية، ترى الدكتورة شباش، “أن التواصل والحب مع فهم الطرفين لاحتياجاتهما الجنسية ضرورية لتحقيق السعادة الزوجية، هذا بالإضافة إلى التربية الجنسية منذ الصغر على احترام النفس والآخر” .
تجدر الإشارة هنا أن محكمة مدينة الجديدة أصدرت هذه السنة، وفي سابقة قضائية، الحكم على زوج اغتصب زوجته بسنتين سجن نافذ، وبغرامة مالية قدرها 15 ألف درهم.